الأحد، ٢١ ديسمبر ٢٠٠٨

أقلام ليلية _ الثاني

أقلب قهوتي في الكنكة فتتراءى لي دورة مستقبلي في دورة الملعقة .. أمعقول سيأتي يوم أتزوج !! ويكون عندي أولاد !! وأكون مسئولاً عن أسرة !! وهل ستتحول اهتماماتي إلى اهتمامات مادية بحتة ، ويكون كل همي وتفكيري كيف أجمع المال وأشتري بيتاً أو سيارة أو أؤمن مستقبلي والأولاد .. وتتحول حياتي إلى عمل بالنهار ثم نوم بالليل .. "جيفة بالليل حمار بالنهار" !! وتتحول جلساتي إلى مسوخ من أحاديث سخيفة حول الدنيا ومشاغلها !!! يا الله ... أبعد عني هذه الخواطر القبيحة .. أنقذني من خيال يحول مستقبلي إلى جحيم .. تالله للموت أهون من حياة دنيئة كهذه

تأملت القيم فوجدت أن أصلها هو " النفس الإنسانية " ، فالنفس وحدها هي من يعطي للقيمة معنى وحقيقة ويمنحها وجوداً .. فهل لنجاحك _ مثلاً _ معنى إذا لم تعتبره أنت نجاحاً ؟ وهل يزول إحساسك العميق بالفشل لمجرد أن الآخرين يعدونك ناجحاً ؟ إنني فقير طالما اقتنعت أني فقير ، وغني إذا اعتقدت أني غني ، وناجح إذا أيقنت أني ناجح ، هذه هي القيم في أصلها وحقيقتها ، ولكن يلزم لتحقيق هذه القاعدة تطبيقٌ لمبدأ كبير واسع في الحياة ، ألا وهو " كن نفسك "


في إطار سعيي إلى إثبات وجودي خارج الأطر الاجتماعية المتكلفة المفتونة بالمظاهر والرسمية الكئيبة قد أرفض نظرية الزواج ، حيث هو كظاهرة اجتماعية أساسية يعد من أكثر ما تنجلي فيه المظاهر والمخادع والتكلف وغيرها من الآفات القبيحة ، ولن ينجو متزوج من شراكها طالما كان زواجه في ذلك المهد المريض
إن الحالة الوحيدة التي يمكن أن أرضى فيها عن زواجٍ هي أن يتم بين طرفين جاحدين لحتمية الأعراف الجائرة ، ولا أقصد هنا طرفي الزواج فحسب ، بل كذلك الفروع المفروضة لزاماً لإتمام هذه العملية ، كعائلتي الزوجين ، وهذا أمر يبدو شبه مستحيل


يريد أحدهم وقد علاه اليأس أن ينتقم من سبب يأسه فيدعي أن الشهوة بمضاعفاتها من العلاقات عمل حيواني ينزل به الإنسان وينحط إلى مستوى الحيوانات ..
ونحن نتساءل : لماذا لا تكون الشهوة ممارسة إنسانية راقية حين تفعلها الحيوانات فإنها ترتفع إلى شعور إنساني راقٍ ؟!! وأي شعور أرقى من شعور هو السبب المباشر في وجود الإنسان ؟
بينما أقرأ مأساة الملك لير وقفت عند إحدى الجمل حيث يتهم المتحدث النساء بأنهن أشبه بشياطين أشرار ...أعادت هذه الجملة إلى ذهني ما قيل كثيراً في الشر عند النساء ، وبعد تأمل وجدت أن اتهام النساء باستفحال الشر فيهم حتى يصل إلى درجة الشيطنة وهم لا حقيقة له ، فالشر عند الرجال لا يقل عنه عند النساء ، ولكن ربما طبيعة المرأة وجمالها أوحت إلينا عبر التاريخ أنها مخلوق غير مجبول على الشر ، فإذا ما رأينا منهن شراً استعظمنا ذلك وقلنا أن النساء شيطانات شريرات ، والضد يظهره بجلاء الضد


آخر ما كتبت واعظاً نفسي :

هي الدنيا تزول بكل يوم .. وتبعد عن عيون الغافلين
ويخبرنا المغيب بكل ليـل .. بأن الشمس مُنذرة اليقين
فيا أيها الساعي بصبـحٍ .. تأمل في صباح الغابرين
فهم قد أصبحوا في جوف قبرٍ .. بعيداً عن عيون الناظرين

وأمسوا دون قمر أو نجوم .. وغابوا عن لسان الذاكرين

السبت، ٦ ديسمبر ٢٠٠٨

الموت سؤال وجواب _1



_ ما الموت ؟
_ الموت هو عكس الحياة ، هذا ما أعتقد ، ما رأيك أنت ؟
_ لا ،الموت ليس عكس الحياة ، بل هو الحياة الأصلية ، أو هو امتداد لحياةٍ أولى ، الفرق أن الأولى حياة بجسد ، والأخرى حياة روح بلا جسد ...
_ ولماذا نبكي ونحزن على موتانا ؟!
_الحقيقة أني لم أجرّب هذا الشعور بعد كما لم أجرب الموت الحقيقي ، ولكني أعتقد أنهم يبكون لخطأ في اعتقادهم ، فهم يظنون ، وربما كانوا متيقنين أنهم سيعمرون طويلاً بعد هذا الشخص ، والحقيقة أنهم في بكاءهم هذا غير محقين نوعا ما ، فلو افترضنا صحة افتراضهم أنهم سيعمرون طويلاً ، فلا داع للبكاء في هذه الحالة ؛ لأن الأيام ستنسيهم فقيدهم ، وستكون الحياة بدونه كما كانت به ، ولو افترضنا أنهم لن يعمروا طويلاً بعده فليس لهم البكاء إلا على أنفسهم ، لا على هذا الراحل الذي سيلحقون به قريباً.
_إذن أنت لن تبكي إن فقدت عزيزاً ؟
_ كلا ، سأبكي .. فالبكاء في هذه الحالة _ كما عند الآخرين _ سيكون هو رد الفعل الطبيعي في موقف كهذا ، وهذا موقف مسجل في ذاكرتنا العاطفية نتجاوب معه لا إراديا بهذا الأسلوب من التعبير عن الإحساس ...


_ ولماذا لم تبك عزيزاً إلى اليوم ؟


_ربما لأن عاطفتي مميزة عن كثير من الناس ، فكان من الحكمة القدرية أن أحرم من هذا الشعور هذه المدة الطويلة ، أو أن أفجع في مدة قصيرة بكمية كبيرة من هذا الشعور ،وهذا ما أنا جاهد في الاستعداد له عاطفياً ، والحق أنها ستكون تجربة مثيرة إذا جربتها ، وإذا انتهت حياتي سريعاً قبل أن أجربها فهذا أيضاً تأكيد لعاطفتي المميزة ... ( التميز هنا أقرب إلى الشذوذ ) ...