الثلاثاء، ١٠ فبراير ٢٠٠٩

أقلام ليلية _ الرابعة




حين يتحول منبر المسجد إلى منبر لليبرالية والديمقراطية ، وتتحول خطبة الجمعة إلى خطبة من أجل حرية الرأي والتعبير و"الرأي والرأي الآخر" .. ويغيب الإسلام عن موضوعها تماماً وتحل الديمقراطية محل تحكيم الشريعة وتصبح مصيبتنا ليست غياب الإسلام ، بل غياب الليبرالية ...حينها سيحملونني من مسجد " أعضاء هيئة التدريس " بشارع جيهان إلى مستشفى الطوارئ بنفس الشارع للعلاج من الفالج الديمقراطي والصدمة العصبية الليبرالية ...


تأملت تردد الإنسان بين القوة والضعف فوجدت أن كلاً من المتناقضين ضروري لوجود الآخر ، فلابد كي تستبين القوة من خلجات ضعف ينتصر عليها المرء بعلو همةٍ وسمو نفس .. فأيُّ قوة تلك التي لم تجد ميداناً تثبت فيه وجودها ، ومعركة تخوضها لتحقق ذاتها .. إن الضعف ضروري كالقوة .. ولا خجل من الضعف إذا المرء عليه انتصر..


إن للكآبة والحزن لذّة لا يدركها إلا من صبغوا أنفسهم بأصباغ الحزن واليأس وصارت لهم طبيعة وسمتاً وخاصيّة ، أما الذين يجربون هذه المشاعر في لحظة طارئة عابرة فإنهم يشقون بها كثيرا ...


حين لا تجد شيئاً تسطره في أوراقك .. حين تختفي المعاني ولا تلبي رغبات القلم المتحمس .. وتخفق الحروف أن تأتي والكلمات أن تتكون .. ثم تنظر إلى مأساة قلمك حزيناً وحيداً بائساً ؛ فابدأ من هنا تسطير مأساتك ، واخلق من العدم أروع مسرحية تراجيدية أبدعها قلمك ...
إن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة .. ولكنها تساوي عندنا الكثير ...
إن العاشق لا يُلام على تعلقه بجسد معشوقه .. فأيُّ عشقٍ للروح بلا عشق للصورة التي تحمل تلك الروح ؛ أو التي تحملها تلك الروح ...



بعد أن أدمنت النظر في خريطة العالم المعلقة خلف مكتبي ؛ صار لي في كل بقعة منها شبحٌ يتراءى .. لقد صرتُ شبحاً كبيراً يملأ العالم ...
بإمكان أي أحدٍ أن يصبح ثرياً .. أن يصبح ملكاً أو وزيراً أو رئيساً .. أن يصبح بطلاً أو فارساً عملاقاً .. أن يتزوج.. أن يجوب العالم ويرى عجائب الدنيا ويخوض خطير المغامرات ..أن يتحول إلى أي شيء في أي لحظة وفي أي مكان ؛ إذا أيقن أن عقله وخياله هو الكون لا يعوزه شيء ولا يختلف عن نسخته الأخرى في شيء ...
توقفت كثيراً عند احترام الإبداع .. هل كل إبداع يستحق الاحترام ؟ أم لابد أن يوافق الإبداع معتقداتي ومبادئي كي يستحق احترامي ؟ أم أن لكل أحد أن يبدع منطلقاً من معتقده ثم يحترم كلانا إبداع الآخر ؟ وإذا لم أحترم إبداعاً لأنه خالف معتقداتي ؛ فما نوع هذا المعتقد ؟ هل أسمح لإبداع الآخر أن يتعدى على معتقدي ككل لكن لا يقترب من عقيدتي الدينية ؟ وهل فقد الإبداع حقيقته حين خالف معتقدي ( المعتقد الصحيح ) ، وهل كل إبداع يجب أن يوظف في صالح القيم الخيّرة ؟! ... همهماتٌ ربما تدور في حلقة واحدة نخلص منها إلى أن الإبداع لا يفقد اسمه أياً كان محتواه ، ولكن هناك إبداعٌ " طيب " وآخر " خبيث " ...
يتهمني بعضهم بالفراغ وأنه سبب تفلسفي !! وكأن الفلسفة شيء يتجلى في الفراغ والبطالة ويختفي في زحام الحياة والعمل !!! إن تفلسفي لا يتأخر عن تنفسي .. وما من ذرة هواء تدخل أو تخرج إلا بتصريح فلسفيٍّ ، وما من سكنةٍ ولا همسةٍ إلا متبوعة بحوار فلسفي أو مغامرة تأملية .. فيا لهم من جُهّال !!

ليست هناك تعليقات: